الدكتور عثمان بومعليف: المغرب بحاجة لإعادة النظر في سياسته الدوائية برمتها

0

اعتبر الدكتور عثمان بومعليف، طبيب في القطاع الخاص، خبير في الاقتصاد الدوائي، أن الحديث عن الحق في الاستبدال في هاته الظرفية بالذات يطرح تساؤلات حديثة حول ماهية الدوافع التي جعلته مركز اهتمام الجسم الصيدلي المغربي بينما هو حقيقة ليس إلا مشكلا هامشيا في مجموع المشاكل التي تعاني منها المنظومة الصحية المغربية.
وقال الدكتور بومعليف، في تصريح صحفي، إن “كان استبدال دواء أصلي بآخر جنيس أو جنيس بآخر لا يطرح أية إشكالية مبدئية من حيث كونه وسيلة لعقلنة المصاريف الصحية في إطار نظام تأمين إجباري معمم وموحد يشمل كل المواطنين فإنه في الحالة المغربية غير ذي معنى إذا لم يتم وبسرعة حل مجموعة من الإشكاليات البنيوية التي إن لم يتم حلها فإنها قد تجعل من تطبيق مبدأ كهذا كارثة بكل المقاييس على الصحة العامة”.
شروط الاستبدال
وعدد الدكتور بومعليف، الإعتبارات التي تجعلهم يعارضون هذا التطبيق، معتبرا أنها هي نفسها الشروط الأولية التي دونها لا يمكن أبدا تطبيق الاستبدال بشكل سليم.
واستعرض الدكتور بومعليف هذه الاعتبارات أو الشروط على الوجه التالي:
أولا، يعاني المغرب من ظاهرة غير صحية وهي تصريف الأدوية دون وصفات في الصيدليات..هاته الظاهرة أو ما يعرف بالإستشفاء الذاتي هي تعريض خطير لصحة المغاربة لأعراض جانبية ناتجة عن عدم إلمام بالملف الطبي للمريض ولتفاعلات دوائية غير متحكم فيها… يشير الواقع إلى أن مجموعات دوائية عدة كالمضادات الحيوية ومضادات الالتهاب بكافة أنواعها وأدوية الحموضة ومضادات حساسية بل وحتى أدوية مصنفة كأدوية نفسية تصرف دون وصفات.. لا يمكن لأي منظومة صحية تحترم نفسها الإستمرار في التسامح مع ظاهرة كهاته.
ثانيا، لا يمكن تطبيق الاستبدال دون إقرار مساق علاجي مدخله الاجباري هو طبيب عائلة معالج يعتبرهو الضامن لعلاجات الخط الأول كما هو متعارف عليه في كل دول العالم.
ثالثا، كل الدول التي تعمل بالاستبدال تعتمد ملفا طبيا الكترونيا موحدا dossier médical partagé يمكن أولا الطبيب المعالج من تتبع ما تم تصريفه من دواء ويمكن الجهات الرقابية المسؤولة عن التأمين الإجباري عن المرض من ممارسة رقابتها وضمان عدم وجود تلاعبات.
رابعا، الاستبدال يستدعي ضمان تكافؤ حيوي تام.. إن كان الأمر لا يطرح في المغرب بالنسبة للادوية الكيميائية التقليدية فالامر يصير أعقد بالنسبة للأدوية الحيوية médicaments biosimilaires ذات التركيبة الفضائية الرباعية structure spatiale quartenaire وينطبق ذلك على أدوية سرطان وأدوية حديثة مستعملة في علاج الروماتيزمات الالتهابية والأمراض الباطنية والأنسولين وبعض أدوية تخثر الدم… هاته الأدوية تستدعي في القوانين الدولية الجاري بها العمل اعادة التجارب السريرية برمتها متى تغير المصنع او طريقة التصنيع أو المادة الاولية.
خامسا، من البديهي أيضا أن الاستبدال يستدعي أولا استكمال ورش التغطية الصحية الاجبارية.
وشدد الدكتور بومعليف، على أنه دون هاته الاساسيات، يصير تطبيق الاستبدال غير ذي معنى ولن يخدم إلا مصالح لوبيات جد قوية متحكمة في دهاليز التوزيع الصيدلاني بالمغرب.
إرادة سياسية واكتفاء ذاتي
وتابع الدكتور بومعليف، أن الامر كذلك يسائل ضرورة توفر ارادة سياسية كفيلة بتنزيل سريع لهاته الأساسيات بشكل يجعل مصلحة المواطن والصحة العامة مركزية عوض تركها بشكل تتقاذفه المصالح والأهواء الفئوية.
وأضاف الدكتور بومعليف، أن هناك في المغرب صناعة دوائية وطنية يجب حمايتها لما توفره من استقلالية من حيث الاكتفاء الذاتي الوطني من حيث الأدوية الأساسية لكن أيضا يجب تأطيرها بشكل يمنع هذا التناسل غير العادي للأدوية الجنيسة بشكل غير عادي في سوق صغيرة كالسوق المغربية، مشيرا إلى أن بعض الدول تحدد عدد الأدوية الجنسية بالنسبة لكل جزيئة وهو مبدأ يمكن استنباطه وتطبيقه في المغرب بشكل يجعل هاته الصناعة أكثر تخصصا وذات مردودية اقتصادية أحسن.
وأكد المتحدث نفسه، على أن المغرب بحاجة لإعادة النظر في سياسته الدوائية برمتها، نقائص مدونة الدواء و الصيدلة (القانون 17/04) عديدة تجعله متجاوزا بشكل كبير وفي إعادة النظر بشكل جذري في سياسته الطبية بشكل يجعل الطب العام/طب العائلة هو الخط الإجباري الأول لكل الخدمات الصحية.
تطبيق صارم للقوانين
ودعا الدكتور بومعليف، لتفعيل وتطبيق صارم للقوانين بشكل يمنع الممارسة غير القانونية للطب وللصيدلة وتكامل المهنتين عوض تداخل سافر في بعض الحالات لمهنة في مجال الأخرى.
وشدد الدكتور بومعليف، على أن الفوضى الحالية لا تخدم إلا مصالح البعض، معتبرا أنه “بدل تراشقات مؤسفة كالتي رأيناها في الأسابيع الأخيرة، يجب أن يضع الجميع بعين الاعتبار المصلحة العليا للمواطن عوض مكاسب فئوية ذات نظر قصير ومصلحة المواطن تمر أولا عبر إقرار المساق العلاجي الإجباري والنقط الخمس التي أجملناها سابقا”.
*طبيب في القطاع الخاص، خبير في الاقتصاد الدوائي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.