أي تأثير لمستحضرات التجميل على الصحة ؟
صوفيا العوني-ومع
أقلام تحديد الشفاه والعيون وبودرة الخدود والماسكارا وغيرها من مستحضرات التجميل، تعتبر من أساسيات الحياة اليومية لغالبية النساء للحصول على مظهر جميل ومتوهج. ولذلك، أضحت هذه المستحضرات تمثل سوقا منتعشة أكثر من أي وقت مضى، بالنظر للابتكارات المتواصلة التي تعد بتقديم منتجات تجميلية غير سامة وغير مضرة بالصحة.
وعلى مر السنين، حققت صناعة مستحضرات التجميل نموا ملحوظا مع توقعات بالنسبة للسوق المغربي تقدر بنحو 1,93 مليار دولار بحلول سنة 2025 ، وفقا لمؤسسة “الأبحاث والأسواق” (Research and Markets). وي عزى هذا النمو إلى الطلب المتزايد على المنتجات ذات الجودة العالية، مدعوما بشكل أساسي بتحسن القدرة الشرائية والاهتمام المتزايد باقتناء منتجات التجميل، فضلا عن الإمكانيات التي يتيحها الشراء عبر الانترنت. وقد سجلت مبيعات مستحضرات التجميل تراجعا خلال الفصل الأول من الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، كما أكد ذلك مكتب (McKinsey) في تقريره الذي حمل عنوان “كيف غي ر كوفيد-19 عالم الجمال”، إلا أن مبيعات مكياج العيون سجلت مستويات قياسية بلغت 150 في المائة، بحسب منصة “Alibaba” الالكترونية.
وساهم الارتداء الإجباري للكمامة الواقية في تعزيز هذا الاتجاه الذي يركز على جمال العيون، كما يؤكد ذلك مزود معلومات السوق العالمية “statista.com” ، الذي أعلن عن زيادة مبيعات الرموش الصناعية في الولايات المتحدة بنحو 1000 في المائة ما بين فبراير ومارس 2020.
غير أن الاستعمال المفرط لمستحضرات التجميل لا يخلو من عواقب صحية، حيث يتسبب استعمال المكياج بشكل مبالغ فيه ولمدة طويلة في حدوث آثار سلبية، مثل تهيج الجلد. ووفقا لدراسة حملت عنوان “المركبات المفلورة في مستحضرات التجميل بأمريكا الشمالية” ن شرت سنة 2021 في مجلة “Environmental science and technology Letters”، فإنه تتم إضافة مواد البولي فليورو ألكيل (PFAS)، وهي مواد كيميائية اصطناعية، إلى مستحضرات التجميل لزيادة مدة ثباتها وتعزيز مقاومتها للماء.
وفي ما يتعلق بالرصاص، وهو مادة سامة تتراكم في الجسم وتؤثر على مختلف أعضائه، قامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) سنة 2017 بتحليل 685 من أقلام أحمر الشفاه المتوفرة في السوق الأمريكية من أجل قياس محتواها من الرصاص . وكشفت نتائج هذه الأبحاث أن أكثر من 99 في المائة من مستحضرات التجميل التي تم تحليلها تحتوي على أقل من 10 أجزاء في المليون من الرصاص ، مبرزة في الآن نفسه أن الشركات المصنعة بإمكانها الحد من كمية الرصاص المستخدم في هذه المنتجات إذا تم اختيار المكونات بعناية واتباع ممارسات دقيقة على مستوى التصنيع.
وتبين هذه التحاليل كمية الرصاص الموجودة في منتوج واحد ، بينما تشير المنظمة غير الحكومية الأمريكية “مجموعة العمل البيئية” “l’Environmental Working Group”، إلى أن النساء يستخدمن في المتوسط وبشكل يومي 12 من المنتجات المتنوعة، تشمل على الخصوص الشامبو ومزيل العرق والعطور والماسكارا وأحمر الشفاه، والتي تحتوي على 168 مكونا كيميائيا.
وأمام هذه المعطيات المقلقة، فإنه من الممكن التقليل من التعرض للمنتجات السامة والكيميائية، من خلال الحرص على مجموعة من السلوكات السليمة صحيا، ولا سيما تجنب استخدام مستحضرات التجميل مجهولة المصدر، واختيار المنتجات التي تكشف عن طبيعة المكونات المستخدمة، ثم الاعتماد بشكل أكبر على منتجات العناية المعدة في المنزل أو ذات مصادر طبيعية. كما ي نصح باستخدام الحلول الرقمية التي تمكن من إبراز مدى س م ية المنتجات مثل تطبيق “clearya.com” ومواقع الانترنت “safecosmetics.org” أو “skincarisma.com” أو “incidecoder.com”. في عالم صناعة مستحضرات التجميل، يعد الابتكار الكلمة المفتاح، حيث يتم باستمرار إطلاق عدد كبير من المنتجات الجديدة التي تتصدر عناوين المواقع المتخصصة، مما يحفز المستهلكين على “الاتباع الأعمى” في أغلب الأحيان للاتجاهات البارزة في عالم الجمال.