الأشعة العصبية التداخلية.. الاستعانة بالتكنولوجيا من أجل علاج أفضل للإصابات الدماغية

0

صلاح العوني-ومع

أصبح استعمال تقنية الأشعة العصبية التداخلية، في التكفل بالحوادث الدماغية التي تعتبر ثاني مسبب للموت في العالم، شائعا في المستشفيات والمصحات الخاصة، إلا أنه في المغرب لا تزال الجراحة التقليدية هي المهيمنة .

وتعتمد الأشعة التداخلية، التي تتميز بكونها طفيفة التوغل وأكثر خفة، على تقنية التصوير الموجه لإدخال أدوات دقيقة الحجم في الجسم عن طريق الأوعية الدموية، قبل بلوغ منطقة علاج مختلف أعضاء الجسم البشري.

وفي حالة الإصابات الدماغية، سواء تعلق الأمر بالجلطة الدماغية النزفية (تمزق الأوعية الدموية في الدماغ) أو الجلطة الدماغية الإقفارية (انسداد الأوعية)، تعمد تقنية الأشعة العصبية إلى استخدام أنابيب دقيقة لبلوغ موقع العلاج ووضع أجهزة كاللفائف (لفائف معدنية صغيرة)، ودعامات داخل الأوعية لترميم الأضرار.

وفي المقابل ، تعمل الجراحة التقليدية على فتح ممر عبر كتلة الجمجمة الدماغية، مما يشكل تحديا مهما بسبب القرب من البنيات العصبية والأوعية الدموية الحيوية المهمة، والتي تعد المنطقة التشريحية الأكثر تعقيدا في الجسم.

وفي هذا الصدد، أبرز البروفيسور عبد الجليل القصار، المسؤول عن قسم الأشعة التداخلية بالمستشفى الجامعي الدولي الشيخ زايد بالرباط، أن “علم الأشعة العصبية التداخلية تقنية تتطلب خبرة كبيرة والتوفر على تكنولوجيا عالية لإنجاحها”.

وقد كشفت كل الأبحاث التي جرت عبر العالم تفو ق العلاج باستخدام الأشعة العصبية التداخلية، مما يجعل العمليات أكثر نجاعة وأقل خطرا مقارنة بالعلاج عبر العمليات الجراحية التقليدية. وهو ما يسهم كثيرا في تقليص زمن التدخل الطبي ومضاعفات ما بعد العملية الجراحية.

وتشمل الأشعة التداخلية مجموعة من التخصصات هي: تخصص الأشعة العصبية التداخلية، وتخصص الأشعة التداخلية على مستوى كل من العظام والمفاصل والأوعية الدموية، والجهاز الهضمي وغيرها.

ولكي يصبح الطبيب متخصصا في الأشعة العصبية التداخلية، يقول السيد عبد الجليل القصار، يجب دراسة الجدع المشترك في علم الأشعة العامة، ثم التخصص في علم الأشعة العصبية التشخيصية، فالأشعة العصبية التداخلية.

وأضاف أن المسار الدراسي طويل تتخلله تكوينات نظرية إشهادية وتداريب في المصالح الطبية المتخصصة لمدة سنتين على الأقل لكي يصبح الطبيب “تداخليا”.

ويفرض تخصص الأشعة العصبية التداخلية نفسه اليوم كعلاج أساسي للإصابات الدماغية. لكن، لماذا في المغرب لا تزال الجراحة التقليدية هي المهيمنة ؟

يوضح المتحدث نفسه أنه “لسوء الحظ، يبقى العلاج داخل الأوعية الدموية عن طريق الأشعة العصبية التداخلية محدودا بسبب كلفة المعدات المستخدمة وطبيعة التدخل نفسه، والذي لا تعوضه منظمات التعاضد أو يكون التعويض ضعيفا “.

لكن، يستطرد السيد القصار، إذا كانت كلفة الأشعة العصبية مرتفعة مقارنة بالعمليات الجراحية، فإن هذه الكلفة تتراجع بعد مرور بضعة أسابيع إذا ما راعينا مدة الاستشفاء، لاسيما في مرحلة الإنعاش وإعادة التأهيل ومدة التوقف عن العمل.

وتشغل كلفة المنتجات الصيدلانية والأجهزة الطبية حيزا كبيرا في فاتورة التكفل بمرضى تمدد الأوعية الدموية داخل الجمجمة (قد تبلغ 90 ألف درهم). وتظل هذه الكلفة المالية أكبر عائق أمام تطور هذه التقنية.

لسوء الحظ، هذه الوضعية تجعل علاج الإصابات الدماغية عن طريق الأشعة العصبية التداخلية غير متاحة أمام كل المرضى.

يذكر أن الجلطة الدماغية الإفقارية، التي تمثل 80 بالمائة من السكتات الدماغية، حالة طبية مستعجلة يجب أن يتكفل بها أخصائي الأعصاب وأخصائي الأعصاب والأشعة في مرحلة جد مبكرة (ست ساعات الأولى) لاستخراج تحجر الدم المسؤول عن إعاقة تدفق الدم إلى الدماغ.

أما في حالة الجلطة الدماغية النزفية، فإن الأمر يتعلق بنزيف على مستوى نسيج الدماغ أو الفضاءات المحيطة به. ونتحدث هنا عن نزيف سحايا الدماغ، التي تعتبر حالة مستعجلة وتحدث في 80 بالمائة من الحالات بسبب تمزق جدار الأوعية (الجزء المتمدد من الوريد)، مما يمنع الأوكسجين من الوصول إلى الدماغ وبالتالي التسبب في حصول ضغط على مستوى الأنسجة المحيطة. إنها أخطر حالة من حيث احتمالية الوفاة والآثار الباقية.

وحسب منظمة الصحة العالمية، يصاب كل سنة حوالي 15 مليون شخص بسكتة دماغية، أزيد من 5 ملايين منهم ي توفون، وأكثر من خمسة ملايين يعانون من عجز دائم.

وتمثل الجلطات الدماغية ثاني مسبب للوفاة في العالم بعد السرطان، وأول مسبب للإعاقة المكتسبة لدى البالغين، وثاني مسبب للخرف بعد الزهايمر.

كما يعد ارتفاع الضغط أحد أكثر عوامل الخطر، حيث توضح المنظمة الأممية أن من بين عشرة أشخاص يموتون بسبب الجلطة الدماغية، أربعة أشخاص يكون بالإمكان إنقاذهم إذا ما تم التحكم في ضغطهم، مشيرة أيضا إلى الرجفان الأذيني (اضطراب الإيقاع القلبي)، والقصور القلبي وإدمان التدخين، من بين عوامل أخرى للخطر .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.