البروفيسور زبيدة بوعياد: الوضعية الوبائية لداء السل مستقرة حاليا بفضل المجهودات المبذولة
أجرت الحديث: كريمة حاجي-ومع
شكل الاحتفال باليوم العالمي لداء السل (24 مارس) مناسبة لتسليط الضوء على الوضعية الوبائية لهذا المرض بالمغرب، وتقييم التقدم المحرز في مجال مكافحته على الصعيد الوطني، وكذا إبراز مختلف الجهود الرامية للحد من انتشاره، المبذولة من طرف الجهات الوصية وكذا جمعيات المجتمع المدني.
وفي هذا الصدد، تجيب البروفيسور زبيدة بوعياد، الأخصائية في أمراض الجهاز التنفسي ورئيسة “جمعية الإنقاذ من السل والأمراض التنفسية”، عن ثلاثة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء تتطرق فيها إلى مدى انتشار هذا الداء، والصلة الوثيقة بينه وبين الظروف الاقتصادية والاجتماعية غير المواتية، فضلا عن السبل الكفيلة بالحد من تفشيه.
1 – ما هو تقييمكم للوضعية الوبائية الخاصة بمرض السل بالمغرب ؟
الوضعية الوبائية لداء السل مستقرة حاليا بفضل المجهودات المبذولة من طرف نساء ورجال الصحة العاملين بالمراكز الصحية لمحاربة داء السل بجميع أنحاء المملكة. وتتجلى نتائج هذه المجهودات من خلال مجموعة من المعطيات، أولها تراجع عدد المرضى الذين ينقطعون عن العلاج، فبعدما كانت نسبتهم تصل في السنوات الماضية إلى ما بين 10 و 15 في المائة، أصبحت هذه النسبة تبلغ حاليا 8 في المائة تقريبا على المستوى الوطني، و5 في المائة على مستوى الدار البيضاء، وهو ما يبرز العمل الجبار الذي يقوم به مهنيو الصحة من خلال تتبع المرضى والحرص على إتمام العلاج.
المعطى الثاني الذي يعكس استقرار الحالة الوبائية هو التحسن الملحوظ على مستوى العلاج، حيث إن أكثر من 90 في المائة من المرضى يتماثلون للشفاء، في حين لا يتجاوز عدد الوفيات 2 بالمائة من مجموع المرضى.
أما المعطى الثالث فيتمثل في عدد المصابين بالسل، الذي يبلغ على المستوى الوطني 90 حالة جديدة مصابة بالداء لكل 100 ألف نسمة، غير أن هذا الرقم يختلف من جهة إلى أخرى. فبحسب الإحصائيات الأخيرة الخاصة بسنة 2021، فإن جهة طنجة- تطوان- الحسيمة تأتي في مقدمة الجهات التي تسجل بها نسب إصابة عالية تفوق 100 حالة لكل 100 ألف نسمة، تليها جهة الرباط- سلا- القنيطرة، ولاسيما مدينة سلا، التي يبلغ فيها عدد الحالات 100 لكل 100 ألف نسمة، ثم جهة الدار البيضاء- سطات في المرتبة الثالثة بـ 98 حالة لكل 100 ألف نسمة. ويتعين التأكيد في هذا الصدد على أن تفشي جائحة كوفيد-19 كان له تأثير كبير على الوضعية الوبائية المتعلقة بداء السل، حيث أثار مخاوف الكثير من المصابين بهذا الداء من التوجه إلى المراكز الصحية لإتمام العلاج خشية الإصابة بعدوى كوفيد، مما أدى إلى عدم التزامهم بالعلاج وتدهور حالتهم الصحية. كما تسببت الجائحة، خاصة خلال سنتي 2020 و 2021، في عدة مشاكل في ما يخص العلاجات وتوفر الأدوية بالمراكز الصحية، بعدما أصبح التركيز منصبا أكثر على كوفيد-19 .
2 – ما هي العوامل التي تزيد من انتشار المرض ؟
تؤدي العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتربوية ذات الصلة بمستوى ووسط عيش الناس، سواء داخل الأسرة أو بمقر العمل، إلى زيادة انتشار المرض. وفي ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار، سيغير الكثيرون محلات سكناهم نحو مساكن أكثر اكتظاظا، وستتراجع جودة التغذية، كما سيضطر الكثيرون إلى الانتظار طويلا قبل التوجه إلى الطبيب لتشخيص الإصابة بداء السل. ومن بين العوامل الرئيسية التي تزيد من تفشي المرض، هناك التدخين، فالإنسان المصاب بداء السل ينفث عند تدخينه السيجارة أو الشيشة في الأماكن المغلقة دخانا يحمل جرثومة السل التي تنتشر بسرعة كبيرة وسط المحيطين به، وهو الأمر الذي يفرض ضرورة مكافحة التدخين في الأماكن العامة.
ويتيعن أيضا في هذا السياق، تحسيس المصابين بالعديد من الأمراض المزمنة من أجل توخي اليقظة والحذر، خاصة المصابين بالسكري الذين تكون مناعتهم ضعيفة، وبالتالي يمكن لأي جرثومة أن تؤثر عليهم.
3 – ما هي برأيكم السبل الكفيلة بالحد من تفشي هذا المرض ؟
الحد من تفشي مرض السل يقتضي تضافر جهود الجميع، وليس وزارة الصحة فقط، لأن الأمر يستلزم إيجاد حلول للعديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. فمكافحة مرض السل تبدأ بتوفير سكن لائق تدخله أشعة الشمس، والحرص على التغذية المتوازنة، وتجنب التدخين، في أوساط الفئات السكانية الفقيرة والأكثر هشاشة.
وفي هذا الصدد، نشتغل كمجتمع مدني في الميدان من أجل تحسيس المواطنين بضرورة الكشف المبكر واتباع العلاج بدقة حتى الشفاء والحرص على نمط عيش صحي من حيث مكان العيش والسلوكات الغذائية وغيرها من العادات الصحية.