أخصائية نفسية تحدد أبرز التداعيات النفسية للزلزال وطرق التعامل معها

0

يخلف الزلزال آثار مادية وجسدية واضحة للعيان، كما هو شأن زلزال الحوز الذي خلف أزيد من 2000 قتيل وجريح، ليقلب بذلك حياة الآلاف رأسا على عقب.

لكن مقابل هذه الآثار التي يمكن ملاحظتها بسهولة، تنجم عن الزلازل آثار نفسية عميقة، يصعب الامساك بها من الوهلة الأولى، فما هي هذه الآثار؟ وكيف يمكن التعامل معها؟

في هذا السياق،  أكدت ربيعة بن بوسلهام، الأخصائية النفسية، أن الاثار الناجمة عن الزلزال كلها أضرار مؤلمة وتحز في الخاطر، مبرزة أن هناك أضرار أخرى غير ملحوظة وغير مدركة وهي الآثار النفسية والداخلية، وهي أضرار خفية وقد يستمر تأثيرها لسنوات طويلة.

وشددت الأخصائية النفسية ربيعة، في تصريح خصت به موقع صحة24، أن الزلزال يخلف مصابين باضطراب ما بعد الصدمة، أي الذين يعانون من آثار صدمة الزلزال، “فمعايشة ظاهرة طبيعية وكارثية مثل الزلزال ليست بالأمر الهين على الذهن والنفس”.

“ليس من السهل أن تكون جالسا بين أفراد أسرتك.. ثم تجد نفسك أمام مشاهد لأشخاص يموتون تحت الأنقاض، قد يكونون جزء من أفراد أسرتك، لأن هذا الفقدان مفاجئ يصاحبه نوبات خوف كبيرة جدا” تضيف الخبيرة النفسية.

وواصلت الخبيرة النفسية تصريحها قائلة إن “منظر الأشخاص تحت الأنقاض ينزفون ومخنوقين ويعانون دون القدرة على سحبهم إلى الخارج وإنقاذهم، قد يكون لدينا مجموعة من الاضطرابات والعُصابات التي تأتي كنتيجة لما بعد الواقعة”، أبرزها الخوف، إضافة إلى نتائج أخرى ستتم ملاحظتها بشكل تدريجي كاضطراب النوم، وتعدد الفوبيات، كالفوبيا من الليل(لأن الزلزال حدث بالليل) وفوبيا من الأماكن المغلقة، وفوبيا من الأصوات القوية…

وأوضحت الدكتورة ربيعة أن الأشخاص الذين كانو يعيشون وحدهم في البيت وواجهوا الحادثة سيستصعبون مع مرور الوقت العيش وحدهم والشعور بالأمان، مشددة على أهمية المساندة والمآزرة والتضامن بين الناس أثناء هذا النوع من الكوارث، ما قد يخفف من الصدمة النفسية على الأقل.

وأشارت الأخصائية النفسية إلى أن الأطفال أيضا يتضررون، حيث ينمو لديهم شعور فقدان الأمان والحماية، خصوصا عندما يرون أن آباءهم في حالة خوف وعجز وتوتر، وهو ما يعمق شعور عجز الآباء وبالتالي غياب الحماية والأمان بالنسبة لهم.

وكشفت الأخصائية النفسية أن هذه الآثار يمكن أن تتسبب بالتدريج في اضطراب قائم بذاته من قبيل نوبات الهلع، وتتطور وتتسبب لنا في اضطراب القلق العام أو ممكن أن يتطور على مستوى الحالة الجسدية لتتحول إلى مرض القولون العصبي.

نجد أيضا أرقام و إحصائيات عالمية، حيث أن حوالي 70٪ من الناجين مثلا من الزلازل والكوارث الطبيعية بصفة عامة يتطور لديهم اضطراب مابعد الصدمة وفق ذات المتحدثة.

وأبرزت ربيعة أن ردود الفعل تجاه الزلازل تتغير بتغير الأشخاص، “فبعض الناس قد يكون رد فعلهم غريبا أو متبلدا، بمعنى لا يوجد رد فعل على مستوى الاحساس، وكأنه مخدر، وهذا ناتج عن قوة الصدمة بحيث يكون رد الفعل هو الانكار”.

يتطور الوضع لدى هؤلاء الأفراد بالتدريج إلى سلوكات من قبيل العصبية الزائدة، العنف، اضطرابات في النوم التي تكون مصحوبة بكوابيس، أي مشكلة نفسية قوية لا تكون لوحدها وإنما تكون مرفوقة بأعراض النفس الجسدية، أي ألم الرأس، الاختناق، الإسهال، الغثيان، وتظهر مجموعة من المشاكل على مستوى الجسد “والتي هي تعبير مرواغ كما نقول بلغتنا في التحليل النفسي، يخفي مشاكل واضرابات نفسية قوية تتطور وتزداد حدتها بالتدريج”.

ما الذي يمكن القيام به لمساعدة ضحايا الزلزال مباشرة بعد الحادثة؟

من الأساسي، حسب تصريح الدكتورة ربيعة،  تقديم الاسعاف النفسي الأولي، والذي يتجلى في تأمين وتوفير كل ماهو أساسي على الأقل، وهو الأمر الذي يقع على عاتق الأجهزة الرسمية كما هو مطلوب من المجتمع المدني وكل من يقدر على تقديم يد المساعدة بعين المكان.

وأكدت الخبيرة النفسية أن ضحايا الزلزال بحاجة لأن يشعروا بالأمل والحماية وبأن هناك ضمانات مجددا ، وبالتالي يجب أن يتم توفير مأوى لمن تهدمت منازلهم في الزلزال ، بالإضافة إلى الأكل والشرب واللباس ، “فهذه الأمور على بساطتها تعطي احساسا بالضمانات وتعيد بالتدريج الثقة بأن هناك بصيصا من الأمل”.

كما أشارت المتحدثة ذاتها، إلى أهمية عمل الأجهزة الرسمية والإعلام المسموع والمرئي والمكتوب، كونه يساهم في انتشار المعلومة اكثر و بسرعة، كما أن الاعلام خاصة الاعلام المرئي المسموع يساعد الناس من خلال برامج التنفيس التي تستضيف الضحايا ليحكوا عن تجربتهم، إذ من المهم أن يعبر الضحايا عن أحاسيسهم بدل كبتها إلى أن تنفجر داخلهم.

وأبرزت الأخصائية النفسية أهمية التفريغ عبر برامج الاعلام، خاصة لدى الاطفال، مشددة على أنها من خلال اشتغالها كتيرا معهم تستشعر أهمية التفريغ والبوح وتشجيعهم على الكلام.

وأضافت الدكتورة ربيعة: “لا نطلب من الناس أن يكونوا شجعانا وابطالا، المطلوب هو أن نحاول إعادة الضحايا إلى حالة التوازن والسواء النفسي”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.