من أجل صيام آمن للأشخاص المسنين.. أربعة أسئلة لأخصائية في الطب الباطني وأمراض الشيخوخة؟

0

أجرى الحوار: محمد أشرف الأعرج-ومع

كلما حل شهر رمضان، تطفو على السطح انشغالات وتساؤلات بشأن صيام الأشخاص المسنين، وتتعلق على الخصوص، بالحالات التي يجوز إعفاؤهم فيها من الصوم، ونوعية الوجبات الغذائية، وممارسة الرياضة، ونظام تناول الأدوية. وفي هذا الصدد، تسلط الدكتورة خديجة موسيار، الأخصائية في الطب الباطني وأمراض الشيخوخة، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، الضوء على الحالات التي يجوز فيها إعفاء كبار السن من صيام رمضان، والمخاطر التي قد يتعرضون لها في حال إصرارهم على ذلك. كما تقدم مجموعة من النصائح لفائدة كبار السن حتى يكون صيامهم آمنا.

 

1 – ما هي الحالات التي ي عفى فيها كبار السن من الصيام؟

لا يسمح بالصيام للأشخاص الذين يعانون من مرض مزمن مثل مرض السكري، خاصة إذا كان العلاج يتم بالأنسولين أو عندما لا يكون معدل السكري لديهم تحت السيطرة. وي عفى كذلك من الصيام مرضى الفشل الكلوي وأمراض القلب. كما أنه لا ينصح بالصيام بالنسبة للمرضى الذين يعانون من نوبة قلبية حديثة أو ذبحة صدرية غير مستقرة أو فشل قلبي حديث العهد أو عند أخذ جرعات عالية من مدرات البول. ففي كل هذه الحالات، يعرض صيام رمضان كبار السن للجفاف ونقص نسبة السكر في الدم وتوعك قد يؤدي إلى السقوط والإصابة بكسور.

كما يحظر الصيام في حالة حدوث تدهور في وظيفة الغدد الكظرية (قصور الغدة الكظرية) لأنه يجب تناول العلاج البديل المستخدم في هذا المرض بانتظام خلال الجزء الأول من اليوم، وهو أمر لا يتوافق مع الصيام.

 

2 – بالرغم من إعفائهم من الصيام، إلا أن البعض من كبار السن يصرون على ذلك. كيف يمكن لهذا السلوك أن يعرض صحتهم للخطر؟

يمكن أن يعرض هذا السلوك ليس فقط صحة المسنين للخطر، وإنما حياتهم أيضا. فقد تحدث مضاعفات لدى بعض الأشخاص الذين كانت حالتهم الصحية مستقرة، وقد تكون هذه المضاعفات خطيرة للغاية في بعض الأحيان مثل: السكتة الدماغية واحتشاء عضلة القلب أو الفشل الكلوي. وفي حالة مرض السكري، هناك خطر متزايد للإصابة بنقص مستوى السكر في الدم أو ارتفاع خطير في نسبته وحدوث “حماض كيتوني” (acidocétose).

وهناك أيضا مشكلة خاصة تطرح بالنسبة لفئة المسنين، وهي سوء إدارة تناول الأدوية بسبب قصر مدة الإفطار، خصوصا وأن كبار السن معرضون بشدة لأخطار الأدوية، وذلك بسبب تباطؤ التخلص منها عن طريق الكلي وتراكمها في دهون الجسم، وكذلك لمرورها بشكل أكثر عنفا عبر الدماغ. وهكذا تبقى الأدوية بكميات أكبر ولفترة أطول في الجسم.

ويصبح الوضع أكثر تعقيدا عند الحاجة إلى تناول عدة جرعات من الأدوية على فترات منتظمة؛ بالإضافة إلى الحاجة إلى تناول بعض الأدوية على معدة فارغة، لأن تناولها قبل السحور قد يكون غير مناسب خلال شهر رمضان، حيث إن المعدة لا تكون فارغة تماما عند الاستيقاظ لتناول وجبة السحور.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدوية التي لا يتوافق تناولها مع الصيام مثل مدرات البول والسلفوناميدات الخافضة لسكر الدم.

 

3 – في حالة ترخيص الطبيب المعالج للشخص المسن بالصيام، ما هي الأطعمة المنصوح بها لهذه الفئة في رمضان؟

عند الإفطار، يفضل أن تكون الوجبة خفيفة، ويجب على الخصوص تجنب السكريات التي تسبب إفرازا قويا للأنسولين يتبعه شعور بالجوع. كما يوصى بأن تكون وجبة “السحور” مغذية. ويجب في هذه الوجبة تجنب المشروبات التي تحتوي على منبهات مثل القهوة، والشاي، والنعناع، والشوكولاتة، وكذلك مشروبات الطاقة والكولا، لأنها تتسبب في اضطراب النوم وبعضها يسبب زيادة التبول، وهو العامل الذي يزيد من حدة العطش أثناء النهار.

ولا ينبغي لكبار السن تقييد استهلاكهم الغذائي خلال شهر رمضان، لأنه على عكس الاعتقاد السائد، فإن احتياجاتهم من الطاقة تكاد تكون متطابقة مع احتياجات الشباب. حتى أن الاحتياجات من الماء والبروتين والكالسيوم هي أعلى مقارنة بالشباب. ولتجنب تفاقم الهزال العضلي، يجب أن تكون الكمية الغذائية اليومية الموصى بها للمسنين من البروتينات، وخاصة خلال شهر رمضان، أعلى من تلك الموصى بها للبالغين وتعادل: 1 إلى 1.2 مقابل 0.8 إلى 1 غرام/كلغ/ يوم.

 

4 – هل من الممكن بالنسبة لكبار السن التوفيق بين الصيام والنشاط البدني خلال هذا الشهر؟

يوصى بممارسة نشاط بدني يومي تبلغ مدته من 15 إلى 30 دقيقة لمكافحة تدهور كتلة العضلات المرتبط بالتقدم في السن، والذي يمكن أن يتفاقم بسبب الصيام. وفي الواقع، تقل كتلة العضلات مع تقدم العمر، وتشكل العضلات 17 في المائة فقط من وزن الجسم عند الأشخاص البالغين 70 عاما، مقابل 30 في المائة عند البالغين 30 عاما. ولهذه الظاهرة المسماة بـ”ساركوبينيا” (مرض شيخوخة العضلات)، تداعيات كبيرة على كبار السن بسبب نقاط الضعف التي تسببها: مخاطر العدوى بسبب انخفاض مخزون البروتين اللازم للدفاعات المناعية ، والسقوط والكسور المحتملة التي تحد من اعتماد الشخص المسن على نفسه.

بالإضافة إلى ذلك، فإن النشاط البدني ، وخاصة في الهواء الطلق ، له تأثير إيجابي على النوم والجانب النفسي، لأن التعرض للإضاءة الطبيعية أثناء النهار يمكن من تحفيز إفراز هرمون النوم، الميلاتونين.

وعموما، يجب ألا يتجاوز كبار السن الإمكانيات الفسيولوجية لأجسامهم، وأن يدركوا أن “معاييرهم” الفسيولوجية، تختلف كثيرا عن الأشخاص الأصغر سنا، وهو ما ينبغي أن يحثهم على أن يكونوا أكثر يقظة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.