الصيدليات القروية في إسبانيا تكافح جاهدة من أجل البقاء
في قرية صغيرة بغوادالاخارا، في غالفي دي سوربي، تفتح مونتسيرات غوميز صيدليتها كل صباح لخدمة ما يقرب من 400 من سكان البلديات الثماني المحيطة بها.
صيدلية مونتسيرات هي واحدة من أكثر من 2000 صيدلية إسبانية تقع في المدن التي يقل عدد سكانها عن 500 نسمة. هذه هي ما يسمى بالصيدليات القروية. وفي إسبانيا التي تعاني من الشيخوخة، فإن بقاء هذه الشركات، والتي غالبا ما تكون النقطة الصحية الوحيدة القريبة للسكان، أصبح مهددا.
يواجه نموذج الصيدلة القروية في إسبانيا، منذ بعض الوقت، التحدي الديموغرافي المتمثل في نزيف السكان بهذه المناطق. وعلى الرغم من ذلك، يعمل الصيادلة القرويون كل يوم للحفاظ على نوعية حياة هؤلاء السكان الذين يتقدمون في السن بشكل متزايد وتحسينها.
وتنعكس القيمة التي يجلبها هؤلاء المهنيون إلى النظام الصحي والاقتصادي الإسباني من خلال بيانات ملموسة، حيث ينتجون تأثيرا اقتصاديا قدره 1600 مليون يورو سنويا ويوفرون 23600 وظيفة بدوام كامل، مما يساعد على إبقاء السكان في مناطقهم.
وفي مواجهة هذا الوضع، يحذر المجلس العام لنقابات الصيادلة من أن أكثر من 850 صيدلية بإسبانيا في حالة ضعف اقتصادي. وهذا يعني أنهم لا يتقاضون رسوما كافية لتحقيق الربح ويتلقون القليل من المساعدة لتشغيل الصيدلية. وعلى الرغم من ذلك، اضطرت العديد من الصيدليات القروية إلى إغلاق أبوابها في السنوات الأخيرة.
وللحد من هذا النزيف، وافقت الحكومة الإسبانية على تعديل المرسوم الملكي رقم 823/2008 الذي يقوم بتحديث المساعدات المقدمة للصيدليات الصغيرة التي تتعرض قدرتها الاقتصادية للخطر.
ويتمثل هدف الحكومة في ضمان إمدادات الأدوية في المناطق القروية المهددة بالهجرة السكانية. من بين شروط الأهلية أن لا يتجاوز حجم المبيعات السنوي للصيدليات 235000 يورو خلال السنة المالية المقابلة للسنة التقويمية السابقة. وبالتالي، فإن الحد الأقصى الحالي للمبلغ 833.33 يورو شهريا الذي يمكن أن تتلقاه الصيدلية سيزيد إلى 979.16 يورو. بالإضافة إلى ذلك، ومن بين المتطلبات الأخرى، ينبغي أن تكون الصيدلية قد قدمت خدماتها خلال الـ 12 شهرا من السنة التقويمية السابقة.
بالنسبة لفيدريكو أغيلار، وهو صيدلي يبلغ من العمر 50 عاما، فإن هذه “خطوة إيجابية من حيث وعي الإدارة بمشكلة جدوى الصيدليات القروية، ومع كل المشكلات الموجودة حاليا فيما يتعلق بالرعاية الصحية الصحية، فإننا نعتقد أن هذا إجراء مهم”.
وقال أغيلار لوكالة المغرب العربي للأنباء “يتمتع الصيادلة القرويون بعلاقة وثيقة للغاية مع جيرانهم”. يعرفون أمراضهم وعلاجاتهم، مشيرا إلى المساعدات الجديدة التي وافقت عليها الحكومة.
وأوضح أن “الصيدليات القروية، بالإضافة إلى كونها بنية تحتية صحية أساسية، تساهم في الحفاظ على السكان، وخاصة النساء في سن العمل، وتعزيز فرص العمل، وبالتالي تضع نفسها كلاعب رئيسي في مواجهة التحدي الديموغرافي”. ومن خلال تجربته، فإن غالبية المرضى الذين يزورون الصيدليات القروية هم من كبار السن والضعفاء والمصابين بأمراض مزمنة.
لكن أغيلار أكد على ضرورة اعتماد “تدابير هيكلية حتى تتمكن الصيدليات القروية من البقاء، خاصة بعد عملها خلال جائحة كوفيد-19”.
وخلص إلى القول “إن الثقة في الصيدليات القروية هي استثمار والتزام بتحسين نوعية حياة سكان القرى ومستقبل قرانا”.