ارتفاع ضغط الدم: القاتل الصامت الذي يهدد صحة المغاربة

0

يُعدّ ارتفاع ضغط الدم الشرياني من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم، ومن أخطرها في الوقت نفسه، لكونه يتطور في صمت ودون أعراض واضحة في كثير من الحالات. وتشير المعطيات الصحية إلى أن الأمراض القلبية الوعائية، المرتبطة بشكل مباشر بارتفاع ضغط الدم، تتسبب في نحو ربع الوفيات عالميًا، وتمثل السبب الأول للوفيات المبكرة لدى البالغين.

في المغرب، يشكل ارتفاع ضغط الدم أحد الأسباب الرئيسية للإقبال على المؤسسات الصحية، حيث تُظهر الدراسات الوطنية أن حوالي ثلث المغاربة البالغين يعانون من هذا المرض، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في نسب الإصابة مع التقدم في السن، إذ تتجاوز 50% بعد سن الأربعين، وتصل إلى أكثر من 70% لدى الأشخاص الذين يفوق عمرهم 65 سنة.

ما هو ارتفاع ضغط الدم؟

يُعرّف ارتفاع ضغط الدم الشرياني بكونه تسجيل أرقام تفوق 140 ملم زئبق بالنسبة للضغط الانقباضي، و90 ملم زئبق بالنسبة للضغط الانبساطي، عند القياس المتكرر وفي ظروف سليمة. وهذه النسبة تتغير من شخص لآخر حسب العمر.

البالغون أقل من 60 سنة

  • الضغط الانقباضي ≥ 140 ملم زئبق

  • أو الضغط الانبساطي ≥ 90 ملم زئبق

كبار السن (من 60 أو 65 سنة فما فوق)

  • الضغط الانقباضي ≥ 150 ملم زئبق

  • أو الضغط الانبساطي ≥ 90 ملم زئبق

الحوامل

يُعتبر ضغط الدم مرتفعًا عندما:

  • الضغط ≥ 140/90 ملم زئبق

أي قراءة ≥ 160/110 ملم زئبق تُعد حالة استعجالية.

وتكمن خطورة هذا المرض في كونه قد يستمر لسنوات دون أن يشعر به المريض، بينما يُلحق أضرارًا تدريجية بالقلب، والدماغ، والكليتين، والأوعية الدموية.

عوامل الخطر: نمط عيش غير صحي

يرتبط ارتفاع ضغط الدم بعدة عوامل، من بينها ما لا يمكن التحكم فيه مثل التقدم في السن والعامل الوراثي، غير أن جزءًا كبيرًا من أسبابه يعود إلى نمط العيش، خاصة:

  • قلة النشاط البدني،

  • التغذية الغنية بالملح والدهون،

  • التدخين،

  • استهلاك الكحول،

  • السمنة وزيادة الوزن،

  • داء السكري واضطرابات الدهون.

كما تُعد النساء خلال فترة الحمل أو اللواتي يستعملن موانع الحمل الفموية أكثر عرضة لبعض المضاعفات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم، ما يستدعي متابعة طبية دقيقة.

التشخيص: قياس بسيط ينقذ الحياة

يُعد قياس ضغط الدم خطوة أساسية في التشخيص، لكنه يتطلب احترام شروط دقيقة، من بينها الراحة قبل القياس، واستعمال جهاز موثوق، وتكرار القياسات في أكثر من زيارة طبية. كما يُنصح باللجوء إلى القياس الذاتي المنزلي، الذي يُمكّن المريض من تتبع حالته والمساهمة في نجاح العلاج.

وفي بعض الحالات، يُسجّل ما يُعرف بارتفاع ضغط الدم “الأبيض”، حيث تكون القيم مرتفعة داخل العيادة فقط، وهو ما يؤكد أهمية المتابعة المنتظمة وعدم الاكتفاء بقياس واحد.

العلاج والوقاية: مسؤولية مشتركة

يعتمد علاج ارتفاع ضغط الدم على مقاربة شمولية تجمع بين العلاج الدوائي وتغيير نمط العيش. وتشمل الإجراءات غير الدوائية:

  • تقليص استهلاك الملح،

  • إنقاص الوزن،

  • ممارسة نشاط بدني منتظم،

  • الإقلاع عن التدخين،

  • التحكم في داء السكري والدهون.

وقد أثبتت الدراسات أن الالتزام بالعلاج والمتابعة الطبية المنتظمة يُقلّص بشكل كبير من خطر السكتات الدماغية والنوبات القلبية، ويُحسن جودة حياة المرضى.

رسالة تحسيسية

إن ارتفاع ضغط الدم ليس قدرًا محتومًا، بل مرض يمكن الوقاية منه والتحكم فيه، شرط الوعي بخطورته والكشف المبكر عنه. فقياس ضغط الدم بانتظام، واعتماد نمط حياة صحي، والالتزام بتوجيهات الأطباء، تبقى مفاتيح أساسية لحماية القلب والحفاظ على الصحة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.