ماذا تقول نهاية الأسبوع عنا؟
لا تكشف نهاية الأسبوع عن وقت الفراغ بقدر ما تكشف عن الإنسان حين تُرفع عنه القيود. ففي اليومين اللذين يغيب فيهما الجدول، وتسكت فيهما المنبهات، يظهر ما نُخفيه طوال الأسبوع خلف الانشغال والالتزام.
تقول نهاية الأسبوع الكثير عن علاقتنا بأنفسنا: هل نعرف كيف نرتاح أم نعرف فقط كيف نهرب؟ هل نملأ الفراغ بما يشبهنا، أم بما يقتل الوقت؟ فحين تتباطأ الأيام، لا يعود الضجيج عذرًا، ولا الانشغال مبررًا.
وتقول أيضًا إننا نعيش إيقاعًا لا نختاره، بل نتحمله. نؤجل كل شيء جميل إلى “لاحقًا”، وحين يأتي هذا اللاحق، لا نعرف ماذا نفعل به. فنقضيه في تعب من نوع آخر، بلا معنى، وبلا أثر.
نهاية الأسبوع تفضح علاقتنا بالوقت: هل نملكه أم يملكنا؟ هل نستثمره أم نستهلكه؟ ففي غياب الواجبات، يصبح الفراغ اختبارًا صعبًا، لا ينجح فيه إلا من تصالح مع نفسه.
وتقول نهاية الأسبوع إننا أحيانًا نعيش أكثر مما نريد، لا أكثر مما نحب. نتحرك طوال الأسبوع وفق ما يُطلب منا، وحين نُترك أحرارًا، نكتشف أننا نسينا ما نريده فعلًا.
في النهاية، لا تسألنا نهاية الأسبوع عمّا أنجزناه، بل عمّن نكون حين لا يُطلب منا شيء. وهناك، في تلك المساحة الصامتة، تتشكل الحقيقة دون أقنعة.
