الدكتور لحنش شراف: السماح للصيادلة باستبدال الأدوية انتكاسة للبروتوكولات العلاجية
قال الدكتور لحنش شراف، رئيس التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص، إن المتتبع للشأن الصحي ببلادنا في الآونة لاحظ من دون شك اللغط الهائل والنقاش الكبير الذي خلفه مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الاستقلالي بمجلس النواب حول السماح للصيادلة باستبدال الأدوية الموجودة في الوصفة الطبية تحت ظروف معينة ونظرا لإكراهات يومية تواجه صرف الأدوية للمواطن المغربي.
وتابع الدكتور شراف، في تصريح صحفي، أنه من هنا جاء ردهم في إطار التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص، حيث عبروا عن استنكارنهم “للصيغة الأحادية التي تم بها تقديم المقترح وكذا الظرفية الزمنية الحرجة التي تمر بها بلادنا بل ما تمر به الإنسانية جمعاء”.
علاقة تكامل وتواصل
وأكد الدكتور لحنش شراف، أن الجسم الطبي بكامله بمختلف فئاته وقطاعاته متجند ومنشغل كما الشعب المغربي وراء جلالة الملك محمد السادس في مواجهة جائحة عالمية تهدد الوطن في أمن وصحة مواطنيه، مذكرا أن العلاقة الفريدة التي تميز المريض بطبيبه المعالج لا تقتصر على وصف دواء معين لعلاج مرض معين وانتهى، بل على العكس تماما فالوصفة الطبية هي تجسيد لهاته العلاقة التي يطبعها التكامل والتواصل المتميز بين المريض وطبيبه.
وأوضح الدكتور لحنش شراف، أن الطبيب يقوم بالتدقيق والتمحيص ومراعاة الجانب السوسيو ثقافي والنفسي والمادي إضافة إلى الجانب الصحي للمريض قصد صياغة تلك الوصفة التي “يعتبرها البعض ربما عن جهل أو عن قصد دفاعا عن مصالح فئوية ضيقة تحصيل حاصل ويمكن تلخيصها في مواد فاعلة ومرض معين، وبالتالي فيمكن تغيير أي شيء فيها حسب المخزون وحسب مزاجية البعض والإكراهات المالية التي يواجهها البعض والذين نتضامن معهم بالطبع في محاولة إيجاد الحلول الناجعة لذلك”.
خطورة وتهاون
وشدد الدكتور لحنش شراف، على أن التجربة اليومية تبين بالملموس أن الجانب النفسي وشكل ولون الدواء الموصوف لا يقل أهمية وفعالية عن المادة الفعالة في حد ذاتها، مبروا أنه لو كان الطب يقتصر على مرض معين بعلاج معين ومفعول قار وتابث لما احتجنا لكل هاته السنوات من الدراسة والتكوين الطبي المستمر إضافة إلى التجارب السريرية اليومية التي تميز الطب الحديث، “لذا فتبرير تمرير قوانين جوهرية في ظروف خاصة يطرح أكثر من تساؤل حول المغزى الحقيقي من هكذا مقترح وحول مدى إلمام طارحيه بمدى خطورة التهاون بصحة المواطن المغربي وتقديم ما هو مادي واقتصادي ومصالح لدى البعض على ما هو صحي، ولا شك أن تعامل بلادنا إبان هاته الجائحة وتقديمها لصحة المواطن على كل الإعتبارات الأخرى هو بدون شك مضرب مثل وعبرة لكل من يريد الركوب على مصلحة وطن في سبيل مصلحة فئوية”.
منظومة متكاملة
واعتبر الدكتور لحنش شراف، أن الكلام عن ما يعتبره البعض حقا هو بالنسبة لهم لا يعدو كونه جزءا يسيرا من منظومة متكاملة وجب الوقوف عند نقائصها والإلمام بمزاياها إن وجدت فتصحيح النواقص وتعزيز المزايا من دون شك هو السبيل الأوحد لتحقيق عرض صحي في المستوى، مضيفا “فنقول نعم لتمكين المواطن من الدواء كجزء هام من العرض الصحي لكن نقول حذاري من إغفال نواقص عديدة تتميز بها البلدان التي أقرت هاته القوانين من تغطية صحية شاملة إلى مفهوم طب العائلة مرورا بالخارطة الصحية العادلة تبعا لمفهوم الجهوية الموسعة الذي تنخرط فيه بلادنا ورقمنة الملف الطبي للمريض إضافة إلى إلزامية حضور الصيدلي باستمرار في مكان عمله، كل هاته النواقص الغائبة في بلدنا للأسف تنسف من الأساس مصداقية بعض المقترحات التي تهدف إلى استغلال ذرائع واهية لاقتناص فرص هدفها الحصول على امتيازات لن تقدم أي إضافة على أرض الواقع بل يمكنها أن تشكل انتكاسة للعديد من البروتوكولات العلاجية كما نلمس ذلك يوميا من خلال ملاحظتنا لكم المشاكل التي تحصل بسبب الممارسة اللاقانونية للطب بما فيها صرف الأدوية بدون وصفة طبية والتي أبانت العديد من الدراسات عن كونها ممارسة يومية لا تخضع لرقابة صارمة تعاقب كل من يتهاون ويعرض صحة المواطن المغربي لخطر محدق حيث أن ما يفوق 70% من الأدوية تباع خارج المسار القانوني والذي يستوجب الوصفة الطبية الإجبارية المسلمة من طرف الطبيب المعالج”.
وقال الدكتور لحنش شراف، إن “العالم بخبايا الأمور يعلم تمام العلم أن هدفنا يبقى رفعة الوطن عن طريق صيانة حق المواطن في التداوي قبل كل شيء وهذا لن يتوفر إلا عن طريق توفير وتكوين العنصر البشري المؤهل، كما تشاطرنا في ذلك النقابات الأخرى ونؤكد في هذا الإطار أن المراسلة المسؤولة للهيئة الوطنية للأطباء والطبيبات تعبر بشكل صريح على أن المقاربة التشاركية هي السبيل الأمثل لمعالجة مختلف القضايا العالقة والمشتركة لكن الظرفية حتما تستوجب احترام القوانين الجارية وليس خرقها باستمرار وتكريس ذلك بمحاولة تمرير قوانين لن تقدم أي إضافة ملموسة في الوقت الراهن”.
مقاربة تشاركية
وأكد الدكتور لحنش شراف، التزامهم في إطار التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص بدعم كل المبادرات الهادفة شريطة احترام القوانين والأنظمة المعمول بها، معربا عن ثوقهم لمنظومة صحية متكاملة تبدأ من الوقاية والتوعية وصولا إلى صرف الدواء والمتابعة الصحية، معتبرا أن كل هذا لن يتأتى إلا عبر فتح نقاش مستفيض أساسه المقاربة التشاركية كمبدأ أساسي لا محيد عنه فهو السبيل الأوحد لإنجاح أي ورش كيفما كان نوعه.
واستطرد الدكتور لحنش شراف، قوله “ولا يسعنا إلا نرفع القبعة عاليا للأطباء والشغيلة الصحية المرابطة بالمستشفيات والمصحات والعيادات والمراكز الصحية وتضحياتها الجسام في سبيل حماية صحة المواطنين ونؤكد استمرارنا الدائم في التجند وراء صاحب الجلالة محمد السادس نفي سبيل رفعة الوطن وصحة مواطنيه”.