الـCNDH يسجل بإيجابية المبادرات الحكومية لتسريع وتيرة تنفيذ مشروع تعميم التغطية الصحية
سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2022، بإيجابية المبادرات الحكومية لتسريع وتيرة تنفيذ مشروع تعميم التغطية الصحية، معتبرا أن تحويله إلى صمام أمان حقيقي للوقاية من المخاطر والصدمات يمر بالضرورة عبر رفع ثلاث تحديات.
وأورد التقرير، الذي جرى تقديمه أول أمس الأربعاء بمقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالرباط، أن التحدي الأول يتجلى في استكمال جميع مكونات ورش الحماية الاجتماعية مشيرا إلى أن عملية تعميم التغطية الصحية الإجبارية تكتسي أهمية خاصة باعتبارها حجر الزاوية في منظومة الحماية الاجتماعية، “التي تمكن الأفراد والأسر من مواجهة الآثار المالية المترتبة عن المخاطر المرتبطة بالصحة”.
وأضاف أن عملية تعميم التغطية الصحية الإجبارية “تظل غير كافية لضمان حماية فعالة وفعلية في مواجهة باقي المخاطر الاجتماعية” مسجلا في هذا الإطار بإيجابية، احترام الآجال التي حددها القانون الإطار رقم 09.21 لتعميم التغطية الصحية الإجبارية “.
ودعا المجلس إلى تعبئة جهود كافة المتدخلين لاستكمال بناء الأركان الثلاثة الأخرى لمنظومة الحماية الاجتماعية، ويتعلق الأمر على الخصوص، بتعميم التعويضات العائلية في أفق 2024 لفائدة الأطفال في سن التمدرس، وتوسيع الانخراط في أنظمة التقاعد في أفق 2025 لفائدة 5 ملايين من الساكنة النشطة، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل في أفق 2025 لكل من يتوفر على شغل قار.
ويتعلق التحدي الثاني، حسب تقرير المجلس، باعتماد تمويل تضامني، منصف ومستدام، مؤكدا في هذا الإطار أن نجاح المشاريع الأربعة لمنظومة الحماية الاجتماعية يتوقف على مدى نجاعة وفعالية النموذج المعتمد في تمويلها، مسجلا اعتماد نظام المساهمات كآلية لتمويل مشروع تعميم التغطية الصحية الإجبارية، وداعيا إلى توفير الشروط اللازمة لجعل نظام المساهمات مستداما ومنصفا وتضامنيا.
ولتحقيق هذا الهدف، يضيف التقرير، يؤكد المجلس على ضرورة تحديد نسبة وشكل مساهمة المستفيدين من التغطية الصحية بما يضمن الاستفادة للجميع، خاصة الفئات الهشة، ويدعو السلطات العمومية إلى استحضار المبادئ التي توصي بها منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن، وخاصة المبدأ الذي يمنع بموجبه أن يصبح المريض فقيرا بسبب العلاج، فضلا عن مراعاة الدخل الحقيقي للأشخاص لتمويل تضامني ومنصف، وتجنب نظام المساهمات الجزافية لضمان تمويل أكثر عدلا وإنصافا.
وبخصوص التحدي الثالث، أورد التقرير أن الأمر يتعلق بتسريع جهود تأهيل المنظومة الصحية، مسجلا في هذا الصدد رفع ميزانية قطاع الصحة إلى 28 مليار درهم خلال السنة المالية 2023، ومعتبرا أنها لاتزال دون مستوى معايير منظمة الصحة العالمية التي تنص على ميزانية ما بين 10 و12 بالمائة كحد أدنى.
وأكد في هذا الصدد على ضرورة اتخاذ تدابير ملموسة لتعزيز جاذبية مهن الصحة بما يضمن وقف نزيف هجرة الأطباء والممرضين وباقي مهنيي الصحة، في ظل المنافسة العالمية حول هذه الأطر في سياق ما بعد الجائحة، ملفتا إلى أن نجاح تعميم التغطية الصحية يبقى مشروطا بشكل كبير باعتماد سياسة دوائية تضمن توفير أدوية ذات جودة وفي متناول القدرة الشرائية للجميع، خاصة الفئات الفقيرة والهشة وتطوير البنيات التحتية الاستشفائية والموارد البشرية اللازمة لضمان ولوج فعلي للحق في التغطية الصحية للجميع.
من جهة أخرى، سجل التقرير أن سنة 2022 تميزت بتوقيع الاتفاقية الإطار حول تنفيذ برنامج الرفع من عدد مهنيي الصحة بشكل تدريجي من 68 ألف حاليا إلى 90 ألف في 2025 ووصولا إلى معدل 45 مهنيا لكل 10 ألاف نسمة في أفق سنة 2030 بغلاف مالي يناهز ثلاثة مليارات درهم، فضلا عن الاعتمادات التي تمت تعبئتها لتمويل بناء المستشفى الجديد ابن سينا بالرباط وثلاثة مستشفيات جامعية بكل من الرشيدية، بني ملال وكلميم، إضافة الى إعادة تأهيل بعض المؤسسات الصحية المحلية والجهوية.
واعتبر أنه بالرغم من الجهد التمويلي الملحوظ الذي بذلته الحكومة بتخصيصها 4.6 مليار درهم إضافية لميزانية قطاع الصحة، والتي بلغت 28 مليار درهم في ميزانية سنة 2023 ، وإحداث 5500 منصب جديد وتحسين أجور مهنيي الصحة بما يعادل 1.5 مليار درهم، “فإن حجم الخصاص في البنيات والموارد البشرية لايزال يفوق بكثير الميزانية المرصودة لقطاع الصحة، والتي لاتزال دون مستوى المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية في هذا المجال”.
وبخصوص الصعوبات ذات الطابع التدبيري، دعا المجلس في تقريره إلى إيجاد الحلول الملائمة للعديد من الاختلالات التي تعرفها حكامة قطاع الصحة، إضافة إلى إيجاد الصيغ المناسبة لإدماج القطاع الصحي الخاص في نظام وطني للصحة كخدمة عمومية بمعايير جودة موحدة، بصرف النظر عن طبيعة الفاعلين الذين يسهرون على تقديمها للمواطنين، مبرزا أن أهمية هذا النوع من الإصلاحات التدبيرية تكمن في كونها تمكن من إحداث تأثير أسرع وأكثر نجاعة، مسجلا في هذا الصدد أن تجربة جائحة كوفيد 19 “أظهرت إمكانية الرفع من جودة أداء المنظومة الصحية الوطنية بشكل كبير انطلاقا من إعادة توظيف نفس الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة”.